آخر الأخبار

رواية (عاتب الآمال ) للدكتور ضيف الله مهدي


زعلت من زوجها وخرجت من البيت رغم علمها بحبه القوي والشديد لها وعلمها بحبها له الذي لا يضاهيه أي حب .. لكن ولسوء توافق في رأي ما حدث الخلاف وخرجت من بيتها ، وأقفلت هاتفها !!

أرسل لها عدة رسائل لكن جهازها مقفول ، لا تريد أن تسمعه أو تراه أو تتذكره . وصلت لبيت أهلها !!

لامها أبوها وأمها وأخوتها على فعلها ، وكان عليها ألا تخرج من بيتها .

زوجك تتمناه أي فتاة ، شاب على خلق ودين وعلم وثقافة وشجاعة وكرم وأدب !

قالت : يبدو أنكم ما تريدوني أجلس عندكم ؟!

حملت حقيبتها وخرجت .. ظن أهلها أنها عادت لبيتها وهي ذهبت لإحدى المدن الكبيرة ثم لأحد الفنادق واستأجرت به غرفة وسكنت بها . استلقت على الكرسي ونامت نومة خفيفة ثم استيقظت !!

بالقرب من الفندق كافيه ، لبست لبسا جديدا ونزلت للمقهى ، أول ما طلبت مشروبها المفضل كان على بعد مترين يجلس شاب تلك الجلسة التي يجلسها ذكرتها بجلسة زوجها ، والشماغ شماغ زوجها والثوب ثوب زوجها !!

لم تكمل مشروبها وخرجت وعادت إلى الفندق . وفي المساء ذهبت لأحد المنتزهات وجلست على كرسي وأمامها شاب يجلس مع زوجته .. تشاهد ما جانب الخد الأيسر يبتسم ويضحك فكأنه زوجها !!

تقول في نفسها هذا زوجي ؟

معقول تزوج بهذه السرعة ؟!

أم أن هذه عشيقة له وخرج معها ، قامت من على الكرسي وتمشي من جهة حتى واجهته فإذا هو ليس بزوجها !!

عادت للفندق ، وفي اليوم الثالثزخرجت للسوق تتسوق وكان ذلك الشاب يمشي واضعا يده في يد فتاة فقالت هذا زوجي هذه مشيته وهذه طريقة وضع يده في يدي إذا خرجنا سويا !! 

عجيب كيف يسمح لنفسه بالتسوق مع فتاة غريبة .. مشت بسرعة ورفعت يدها وصوتها وقالت :

مشت بسرعة ورفعت يدها بعدما وجهته وصوتها وقالت له : من هذه التي معك؟!.

فإذا هو شخص آخر ليس زوجها اعتذرت منه ومشت بسرعة كي تتوارى عن الأبصار التي تحدق بها..

وصلت للفندق التي تنزل فيه ولملمت أغراضها وغادرته إلى مدينة ثانية ، وصلت بعد ساعة ، وفي استقبال ذلك الفندق الذي تريد أن تنزل فيه تشاهد شابا يضحك مواجها لشاب آخر ، الضحكة والصوت كأنه زوجها ، بل تركت موظف الاستقبال ومشت ناحية صاحب الضحكة لتتأكد فإذا هو ليس زوجها !!

وقفت حائرة ثم عادة لموظف الاستقبال وأخذت حقيبتها وغادرت لفندق آخر ، وهي تمشي للفندق نزل المطر و*صوت المطر كنها تعاتيب خلان*. سكنت في غرفة مطلة على حديقة تقع شرق الفندق !!

كبرياء عجيبة في نفسها ترى زوجها في كل الناس ولكنها مخاصمته وهاربة منه !!

فتحت هاتفها النقال فهي لم تفتحه مذ غادرت بيتها ، وبمجرد أن فتحته تنهال عليها الرسائل ٣٦٠ رسالة من زوجها يعتذر لها ويطلب منها العودة لمنزلها ، و٣٦٠ اتصال يخبره موجود وصلت من زوجها !!

نزلت للحديقة هناك شاب لابس الزي الرياضي الأبيض والأخضر ويلعب بالكرة مع طفليه .. كأنه زوجها ، تقول في نفسها : ليه كل من قابلت وناظرت يحمل صفات من زوجي ؟!

على جانب من الحديقة هناك شخص يستمع لأغنية صوت الأرض :

من يبشرني ويبشر بالبشارة

بالحبيب اللي فراقه سم حالي

غيبة المحبوب من دون اختياره

له ظروفٍ تمنعه دون التلاقي

هو تجارة من يدور للتجارة

هو غناتي منوتي هو راس مالي

ودي اخسر واتكلف بالخسارة

بس اشوفك يا هوى بالي قبالي

الخطر يرسل علي تسعين غارة

ودي اخسر كل حالي مع حلالي

يسهر المفتون ليله مع نهارة

ليلة الفرقة عليه اربع ليالي

بالشهر يا صاحبي زرني زيارة

خف من الله يا حبيب اشغلت بالي

مالكٍ قلبي بنمرة واستمارة 

مالكه من دون الأقصى والموالي

اشهد إن الحر تكفيه الإشارة

والله إني لارخص الغالي لغالي

يا عمار القلب كله يا دماره 

من عرفتك خاطري ما هو بسالي

بكت وبكت وبكت .. يتبع

بعد البكاء تنفست نفسا عميقا ثم قال لنفسها : هاأنذا أرى زوجي حبيبي في كل إنسان وفي كل مكان ، وما هذا إلا الحب بعينه !!

لماذا أخاصم زوجي ؟!

ولماذ أبعد عنه ؟!

وقالت : لو عاندت وركبت رأسي وطلبت الطلاق وتطلقت .. ثم جاء زوج آخر فلن أعيش معه سعيدة ولن يعيش معي سعيدا !!  لأني سأرى في زوجي الجديد شيء من زوجي القديم أو أرى أشياء وصفات وسلوكيات !!.

وحتى لو لم أتزوج وبقيت دون زواج فلن أعيش مرتاحة ، لأنني سأراه في كل الأشخاص الذين أقابلهم في حياتي .

وفكرت قليلا ثم قامت ولملمت أغراضها وركبت سيارتها وعادت إلى مدينتها .

وعندما سارت قليلا رن 📞 هاتفها المحمول وكان زوجها !!.

حيته ، ثم قال لها : متى تعودين ؟!

ردت : في الطريق إليك .. فتحت مذياع السيارة وكانت أغنية رباب يرحمها الله :

اتت الظروف وفرقتنا فجأة

وبلا وداع ابعدتني عنك

إني إليك ياحبيبي راجع

والقلب ليس لهُ سوى حبيبا واحد

أحقاً هذا الزمانُ البعيدُ قد قدم

والقلب زاد الي الحبيب تولها

قسماً بربي ياحبيبي لم أزل

عن ذا الذي قلتُ

قلتُ وقلبي يتقطعُ

قلتُ إليك أنا راجعُ

أنت ياحبيبي مابعدت ياحبيبي

بيني وبينك الأيامُ والزمان

أبكي علي مافت عني من الروئ

من الاصدقاء والصديقُ صابرُ

غرباءُ نحن

يا أخواني ويا حبنا في بلدي

لاخل فيه سوى الحبيب الأولُ

لولاك قسماً مابعدتُ لحظة

عن الحبيب والحنين أبداً

وأقولها مرةً واعيدها ألف مرة

انا على يقين من كل ماقلت

إني إليك ياحبيبي راجعٌ

والقلب ليس له سوى حبيبا واحد

في غيبتك عني يراودني الأمل

إني في يوم القاك وأن طال البعد

أشتاق الى كلامك العذب ياحبيبي

حتي وأن كان الكلام عن غضب

أنا حائر وفي رأسي ألف قضيه

والقلب منقبض والصدر ملهاه

انتهت الأغنية وتتنهد ، وتقول في نفسها : أعاهد الله لن أخاصمك حبيبي ولن أخرج من بيتي .. 

تصل لبيتها ، يستقبلها زوجها مرحبا بها يحمل الورود والزهور والعطور ويقبلها وينشد :

انورت بقدومك الدار يا غالي 

واسفرت من عقب ما عاد غايبها

طالت الفرقة عليّ وانشغل بالي

غربتك يا زين باليوم حاسبها

يوم طولت السفر زاد غربالي

ما تعيش النفس من غير صاحبها

احسب إني عنك يا صاحبي سالي

شف دموع العين ماوقف ساكبها

الله أكبر كيف حبك برى حالى

وانت عندك مهجة الروح سالبها

أنا أشهد أن الحب للروح قتالى

كأنها عجزت تحصل مطالبها

ما يفيد الحب الأول مع التالي

ذاك راح وذا لها الروح نقلبها


بقلم: الدكتور ضيف الله مهدي

أحدث أقدم